
امتلأت صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، خلال الأيام الماضية، بصور الشباب الغض الذي راح في مطحنة الحرب خلال الأسبوع الماضي.
شباب صغير في السن، تشي صور بعضهم بأنهم ربما لم يبلغوا العشرين بعد، يفترض أن الدنيا تفتح ذراعيها لاستقبالهم، لكنهم ودعوها ورحلوا.
ليسوا وحدهم. إذ سبق أن شاهدنا صوراً أخرى لشباب من مناطق أخرى من السودان كانوا يقاتلون في الصف الآخر من الحرب، نفس العمر، بل نفس الملامح، التوهج في العيون، الابتسامات المرسومة والمنحوتة على الوجوه.
كلهم لهم أمهات كن في انتظار عودتهم، آباء وأخوات وإخوان ينتظرون أوبتهم النهائية ليلتفتوا لمستقبلهم، منهم من سيكمل تعليمه، ومنهم من يبحث عن فرصة عمل.
هناك مقولة معروفة لا أتذكر الآن من قائلها “جميل أن تضحي من أجل وطنك، لكن الأجمل أن تعيش من أجله”.
سيقول قائل إن أرواح هؤلاء لم تَضِعْ هدراً لأنهم ماتوا من أجل وطنهم، ولكن أو لم يكن ممكنا أن يعيشوا من أجله…؟ أن يبذلوا جهدهم وفكرهم وطاقتهم من أجل بنائه وتعميره..؟
كان من الممكن ذلك لو عملت العقول والأفكار والجهود على تجنب هذه الحرب، التي كان ممكناً تجنُّبها لولا الأطماع والأحقاد والرغبة المميتة في التشبث بالسلطة.
سيطلقون على هذه الحرب مسميات كثيرة، وسيقدمون سرديات وأسباباً كثيرة أيضاً ومضللة، لكن ستبقى الحقيقة أنها حرب من أجل المصالح الضيقة، وهدفها النهائي الصعود والبقاء في كرسي السلطة على أجساد وجماجم زهرة شباب البلاد.
وقد قال قائلهم صراحة “إما أن نحكم هذه البلاد أو سنشعلها كلها”.. وها هم قد أشعلوها وأحرقوا زهرة شبابها.