تقارير

فئران نافقة وقطط مسعورة تطارد السودانيين في “الجزيرة”

مشاوير - وكالات

خوف من نوع خاص دب في قلوب السودانيين بولاية الجزيرة جنوب الخرطوم، بخاصة بعد انتشار ظاهرة نفوق كميات كبيرة من الفئران في المشاريع الزراعية والمناطق السكنية بمحليات عدة، ويخشى السكان من أن تكون وراء نفوقها أسباب غامضة ترتبط بكارثة وبائية وخيمة العواقب تهدد الصحة العامة، وكذلك ظهور “بعبع” القطط التي تلتهم الفئران النافقة، إذ باتت خطراً مضافاً جديداً على حياة الناس في الإقليم الذي يتجاوز عدد سكانه 5 ملايين نسمة.

جراء هذه الأوضاع انتشرت رسائل تحذيرية للمواطنين بتجنب ملامسة الفئران النافقة ودفنها بطريقة آمنة أو حرقها في أماكن مخصصة، فضلاً عن تفادي هجمات القطط التي تبدو شرسة وغريبة الأطوار هذه الأيام في مناطق عدة من ولاية الجزيرة.

جنون سعر

يقول عبدالقادر ونسي وهو مواطن يسكن مدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة “يتفاجأ السكان كل صباح بوجود كميات كبيرة من الفئران النافقة في مناطق ومدن عدة بولاية الجزيرة، مما أثار المخاوف من استخدام مبيدات سامة ضد الجرذان في المشاريع الزراعية أو داخل الأحياء”.

وأضاف أن “بخلاف مضاعفاتها البيئية والصحية تحولت الفئران النافقة إلى مورد غذاء للقطط الضالة في الشوارع وحتى داخل القرى، وهو مؤشر يضاعف معاناة السكان بمرور الأيام، بخاصة حال ظهور مجموعات منها في حالات لوثة من جنون السعر”.

وأوضح ونسي أنه “على رغم مرور أسبوعين من انتشار الظاهرة، لا تزال السلطات عاجزة عن التحرك لمعرفة الأسباب ووضع التدابير الصحية اللازمة لمجابهة الأزمة قبل أن تتحول إلى كارثة يصعب تداركها”.

فئران نافقة

قلق ومهددات

حمزة الطاهر العائد لمنطقة ود الحداد في الولاية نفسها يقول إن “ظاهرة نفوق الفئران انتشرت في أكثر من “106” قرية بولاية الجزيرة تعاني في الأساس نقص خدمات البيئة والرعاية الصحية، في وقت يتخوف السكان من وجود مواد سامة من مخلفات الحرب”.

وأشار إلى أن “هذه الظاهرة تزامنت مع انتشار مبيدات وأسمدة منتهية الصلاحية خلال فترة وجود قوات ’الدعم السريع‘ في الولاية، مما يثير القلق من احتمال تسرب مواد سامة إلى البيئة نتيجة مخلفات الحرب أو الاستخدام غير المنضبط للمواد الكيماوية”.

وحذر الطاهر من كارثة بيئية وصحية وشيكة ضمن مدن ومناطق عدة في الإقليم مع غياب أية إجراءات عاجلة لتلافيها، ستتسبب في ظهور وانتشار أمراض وبائية خطرة، نتيجة توافر البيئة المثالية والمواتية لتكاثر النواقل كالذباب والبعوض وغيره، فضلاً عن تزايد الفئران النافقة والروائح الكريهة المنبعثة منها داخل عدد من الأحياء والمناطق”.

تحسبات وبائية

ورجح الطبيب البيطري يونس الحلاوي أن تكون التربة قد تعرضت لسموم من تحلل جثث الإنسان أو الحيوانات، وربما يكون هناك تسمم غذائي جماعي نتيجة أكل الفئران لمحاصيل أو مخلفات معالجة كيماوياً”.

وناشد الحلاوي وزارة الزراعة بأخذ عينات من التربة وإجراء فحص للتأكد من وجود سموم أو مبيدات قاتلة، خصوصاً مع انتشار الفئران في المشاريع الزراعية”.

وحذر من أنه إذا لم يجرِ التعامل مع هذه الفئران النافقة وفقاً لاشتراطات الإجراءات الصحية الخاصة بالتخلص منها، فقد يؤدي ذلك إلى الإصابة بأمراض عدة، سواء كان مرضاً حيوانياً أو مشتركاً بين الحيوان والإنسان”.

فئران نافقة

هجمات وتحذيرات

وبحسب شهود عيان في قرى ود البلال والرميتاب وفاطر وبعض المناطق الواقعة غرب ولاية الجزيرة، فإن القطط التي تجوب الشوارع بدا عليها سلوك غريب وعدواني تجاه المواطنين وتظهر في حال هياج واستعداد لمهاجمة كل ما تقع عينها عليه على نحو شرس مفاجئ وعنيف، مشكلة خطورة جديدة على حياة الناس.

سعد الشريف الذي يسكن في قرية ود البلال قال إن “القطط تصدر أصواتاً مزعجة أثناء الليل أشبه بعواء الذئاب، فضلاً عن أنها تتحرك وتتجول باستمرار على أماكن النفايات واختلاطها واشتباكاتها مع بعضها بعضاً، عوامل قد تؤدي إلى زيادة تفشي السعر بينها، بالتالي يتضاعف حجم الخطر على حياة الناس، في وقت تنعدم الأمصال المضادة ولا تتوافر الخدمات الطبية لمواجهة أية حالات تنتقل من الإنسان”.

ونوه الشريف بأن “القطط الموجودة في بعض القرى أصبحت شرسة ومسعورة تهاجم الصغير والكبير، بالتالي يجب أخذ الاحتياطات اللازمة وتجنب كل أنواع القطط نهائياً حتى الموجودة داخل المنازل”.

أخطار وأوبئة

على النحو ذاته، حذر المتخصص في البيطرة والإنتاج الحيواني عبدالباقي السر من أن انتشار الفئران الحية في المنازل وسط الأوضاع الحالية تنطوي على أخطار ومشكلات صحية على الإنسان، ولا سيما أنها قد تحمل أمراضاً فتاكة تصيب المواطنين في ظل تدهور القطاع الصحي”.

ونبه السر إلى وجود عدوى فيروسات “هانتا” الرئوية التي يمكن أن يصاب بها البشر عن طريق ملامسة الفئران أو روثها، وكذلك حمى عضة الفئران وهو مرض معدٍ مميت ينتقل عن عضات الفئران أو حتى خدوشها، فضلاً عن طاعون الفئران”.

ورجح المتخصص في البيطرة والإنتاج الحيواني أن تكون القطط التي يشكو منها سكان قرى ولاية الجزيرة قد أصيبت بداء السعر إثر تناولها لحوم الفئران النافقة، موضحاً أن داء السعر خطر وقاتل يسببه فيروس يدخل إلى الجهاز العصبي بصورة مباشرة ويتكاثر في الأنسجة العضلية ويدخل عبر وصلاتها، ثم يبدأ بعد ذلك بمهاجمة الدماغ مسبباً التهاباً حاداً فيه وسرعان ما يتسبب في وفاة المصاب”.

وعن العلاج، قال “خلال الأعوام الماضية كان العلاج يتم عبر 21 حقنة، تقلصت الآن إلى خمس فقط هي كل الجرعة العلاجية اللازمة إذا توافرت في الوقت المناسب”.

ودعا إلى ضرورة التحرك العاجل لمعالجة ما يمكن تداركه لتخفيف الآثار البيئية والصحية عبر إجراء مسح عن طريق وزارة الزراعة، وكذلك السلطات الصحية في الإقليم”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى